يعد العمل بعد الولادة تحدي جديد يواجه الأمهات العاملات في العصر الحديث؛ حيث تحتاج المرأة لإعادة موازنة وقتها ما بين طفلها ونفسها والعمل ومسؤولياتها الأخرى، وهو ما قد يُثير الشعور بالقلق عند العديد من الأمهات، في هذا المقال، سنتحدث عن كيفية العودة إلى العمل بعد الولادة بطريقة تساعدكِ على التكيف مع هذا التغيير وتحقيق التوازن بين حياتكِ المهنية والشخصية.
الوقت المناسب للعودة إلى العمل بعد الولادة
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بإجابة واحدة؛ حيث أن الوقت المناسب يختلف من أم لأخرى، بشكل عام يوصي المتخصصون الراحة والاسترخاء لمدة 12 أسبوعًا بعد الولادة تقريبًا، ومع ذلك تكون بعض الأمهات مستعدات للعودة للعمل بعد عدة أسابيع من الولادة، بينما البعض يحتاج مدة تصل إلى سنة. والعديد من الأمهات لا ترغب بالعودة إلى العمل أبدًا بعد الولادة.
قرار العودة إلى العمل متروك لكِ، بناءً على قدرتك على الوصول إلى مزايا إجازة الوالدين، ووضعك المالي، واستعدادك الشخصي.
كيفية الاستعداد للعودة إلى العمل بعد الولادة
العودة إلى العمل بعد الولادة قد تكون تحديًا يتطلب منكِ التوازن بين حياتكِ المهنية ورعاية طفلكِ، لذا من المهم الاستعداد لهذه المرحلة بطريقة تقلل من الضغوط وتجعل الانتقال أسهل.
إليكِ بعض الأمور التي قد تساعدكِ في تسهيل هذه التجربة:
- الاطلاع على القوانين الداعمة للأم العاملة: تعرّفي على حقوقكِ كأم عاملة سواء في بلدكِ أو في مكان عملكِ، مثل إجازة الأمومة، فترات الرضاعة، والعمل المرن، لضمان اتخاذ قرارات تناسب وضعكِ.
- التدرج في العودة إلى العمل: إذا كان بإمكانكِ البدء بدوام جزئي أو العمل عن بُعد لفترة مؤقتة، فقد يساعدكِ ذلك على التأقلم تدريجيًا مع بيئة العمل الجديدة بعد الولادة.
- الاستعانة بشبكة دعم موثوقة: سواء كان ذلك من شريككِ، العائلة، الأصدقاء، أو حتى مجموعات دعم الأمهات، فإن وجود أشخاص يمكنكِ الاعتماد عليهم يجعل التكيف أسهل.
- إدارة الأولويات وتحديد المهام المهمة: ركزي على الأمور الأساسية في العمل والمنزل لتجنب الإرهاق، وضعي حدودًا واضحة بين وقت العمل ووقت العائلة.
- التواصل مع جهة العمل: لا تترددي في مناقشة مديركِ بشأن المرونة في المواعيد أو تعديل بعض المهام بما يتناسب مع مسؤولياتكِ الجديدة.
- تجنب الضغط الزائد على نفسكِ: لا تحاولي إنجاز كل شيء دفعة واحدة، امنحي نفسكِ الوقت للتكيف، وخففي من المسؤوليات الإضافية قدر الإمكان.
- الاهتمام بنفسكِ: صحتكِ الجسدية والعاطفية لا تقل أهمية عن أي التزامات أخرى، لذا احرصي على أخذ قسطٍ كافٍ من الراحة والتغذية السليمة للحفاظ على طاقتكِ وإنتاجيتكِ.
إذا كنت تخططين للعودة إلى العمل خلال أقل من 6 أسابيع بعد الولادة احرصي على استشارة طبيبك أولًا؛ للتأكد من استعدادك الجسدي والنفسي لذلك
تحديات العودة إلى العمل بعد الولادة
تتضمن أبرز التحديات التي تواجه المرأة عند العودة للعمل بعد الإنجاب:
- قلق الانفصال: قد يكون من الصعب ترك طفل جديد في رعاية شخص آخر في البداية، وقد يُسبب للأم الشعور بالقلق والذنب وربما الحزن لترك الطفل.
- اكتئاب ما بعد الولادة: تصاب العديد من الأمهات في اكتئاب ما بعد الولادة، الذي يسبب الشعور بالحزن والإرهاق والتعب الجسدي والنفسي.
- التعافي البدني: قد يستغرق التعافي البدني بعد الولادة بعض الوقت، بشكل خاص إذا واجهت تحديات أو مصاعب أثناء الولادة، وهذا الأمر قد يزيد من الإرهاق العاطفي والنفسي والجسدي عند العودة للعمل.
- تنظيم الوقت: ما بين مهام العمل، والمنزل، وتربية الطفل، والاهتمام بالنفس، وغيرها من المسؤوليات الاجتماعية والعائلية قد تواجه الأمهات بعض الصعوبة في إدارة وتنظيم الوقت.
- قلة الدعم: العودة إلى العمل بعد الإنجاب تجربة صعبة خاصة إذا لم تُحط الأم نفسها بشبكة دعم قوية من الأصدقاء أو العائلة.
- الرضاعة الطبيعية: تكافح بعض الأمهات المرضعات لإيجاد الوقت والخصوصية لإرضاع الطفل أثناء يوم العمل، مما قد يؤدي إلى عدم الراحة أو حتى الشعور بالذنب.
إذا كنتِ قد عانيتِ من مشاكل الصحة النفسية في الفترة المحيطة بالولادة، فقد يستغرق التكيف مع كونك أمًا عاملة وقتًا أطول قليلًا.
كيفية تنظيم الرضاعة الطبيعية مع العودة إلى العمل؟
العودة إلى العمل أثناء الرضاعة الطبيعية قد تكون تحديًا، لكن مع بعض التخطيط المسبق، يمكنكِ تسهيل هذه المرحلة وضمان استمرار تغذية طفلكِ بشكل صحي.
- اختاري توقيتًا مناسبًا للعودة: إذا أمكن، ابدئي العمل في يوم الأربعاء أو الخميس، مما يمنحكِ عطلة نهاية الأسبوع لتقييم التجربة وإجراء أي تعديلات إذا لزم الأمر.
- جربي يومًا تجريبيًا: قبل عودتكِ رسميًا، جربي ترك طفلكِ لفترة قصيرة مع الجهة التي ستعتني به، سواء كانت الحضانة، الجدة، أو المربية، حتى يعتاد على غيابكِ تدريجيًا.
- حضّري مخزونًا احتياطيًا من الحليب: ابدئي بشفط الحليب وتخزينه في الثلاجة قبل أيام من العودة للعمل، ليكون لديكِ كمية تكفي لطفلكِ خلال أول أيام غيابكِ.
- احفظي الحليب بطريقة صحيحة: خزّني الحليب في عبوات معقمة أو أكياس تخزين الحليب في الثلاجة عند درجة حرارة 4 مئوية أو أقل، ويمكن استخدامه خلال 5 أيام. إذا لم تكوني متأكدة من درجة حرارة الثلاجة أو كانت أعلى من 4 مئوية، فمن الأفضل استخدام الحليب خلال 3 أيام لضمان سلامة طفلك.
- التزمي بجلسات الشفط: حاولي شفط الحليب كل 3 ساعات أثناء العمل للحفاظ على إدرار الحليب وتجنب الاحتقان. بعد الشفط، خزّني الحليب في عبوة معقمة، وضعيه في مبرد (حافظة تبريد) مع أكياس ثلجية للحفاظ على درجة حرارته، ثم انقليه إلى الثلاجة أو الفريزر فور وصولكِ إلى المنزل.
كيف تخففين من التوتر عند العودة إلى العمل؟
العودة إلى العمل بعد الولادة قد تكون تحديًا، خاصة مع الحاجة إلى التوفيق بين مسؤولياتكِ المهنية ورعاية طفلكِ. لكن ببعض التحضير المسبق والتنظيم، يمكنكِ جعل الأمور أسهل وتقليل التوتر الصباحي. إليكِ بعض الخطوات التي قد تساعدكِ في ذلك:
جهزي كل شيء في الليلة السابقة
لا تتركي تحضير حاجياتكِ وحاجيات طفلكِ للصباح، فذلك قد يسبب لكِ التوتر ويجعل وقتكِ ضيقًا. تأكدي من تجهيز حقيبة طفلكِ مسبقًا، وضعي فيها ملابسه الإضافية، حفاضاته، رضاعته وحليبه، حتى يكون كل شيء مرتبًا وجاهزًا عند مغادرتكِ. كذلك، جهزي حقيبتكِ الخاصة لتتجنبي البحث عن أغراضكِ في اللحظات الأخيرة.
جربي محاكاة يوم العمل قبل عودتكِ
قبل بدء العمل رسميًا، حاولي تخصيص يوم أو يومين لتجربة روتينكِ الصباحي كما لو كان يوم عمل حقيقي. استيقظي في نفس التوقيت، استعدي كما تفعلين في يوم العمل، وجهزي طفلكِ وخرجي به إلى الحضانة أو منزل الجدة. بهذه الطريقة، ستتمكنين من معرفة الوقت الذي تحتاجينه لكل خطوة، وإجراء أي تعديلات ضرورية لتسهيل صباحكِ.
نظّمي وقتكِ بذكاء
حددي المهام الصباحية الأساسية، وأضيفي بعض الوقت الاحتياطي لأي ظروف غير متوقعة، مثل تغيير الحفاض أو حاجة طفلكِ إلى رضاعة إضافية قبل الخروج. عندما يكون لديكِ جدول واضح وتوقعات واقعية، ستشعرين بأنكِ أكثر تحكمًا في يومكِ، مما يقلل من الإحساس بالتوتر.
تقبلي التغييرات وتعاملي معها بهدوء
حتى مع أفضل الخطط، قد لا تسير الأمور دائمًا كما هو متوقع. قد يبكي طفلكِ عند المغادرة، أو قد تحتاجين إلى تعديل بعض التفاصيل في الصباح. لا تدعي هذه الأمور تؤثر على مزاجكِ، فبمرور الوقت ستعتادين أنتِ وطفلكِ على الروتين الجديد، وستصبح هذه المرحلة أسهل مما تبدو عليه الآن.
نصائح للمحافظة على توازن الحياة المهنية والعائلية
لتحقيق التوازن بين حياتكِ المهنية والعائلية وتسهيل العودة إلى العمل بعد الإنجاب، إليكِ بعض النصائح التي قد تساعدكِ في ذلك:
- اهتمي بصحتكِ النفسية: تأكدي من أنكِ في حالة نفسية جيدة قبل العودة إلى العمل، ولا تترددي في استشارة أخصائي نفسي إذا احتجتِ إلى دعم أو توجيه.
- نظّمي وقتكِ بذكاء: حاولي تحقيق توازن بين العمل والمنزل ورعاية طفلكِ، واطلبي المساعدة من شريككِ أو عائلتكِ عند الحاجة.
- اختاري نظام رعاية مناسب لطفلكِ: فكّري جيدًا في الخيارات المتاحة، سواء كان ذلك عبر أحد أفراد العائلة، مربية منزلية، أو حضانة موثوقة، لضمان راحة طفلكِ واطمئنانكِ أثناء العمل.
- خفّفي من التوقعات العالية: لا تضغطي على نفسكِ لإنجاز كل شيء بشكل مثالي، افعلي ما تستطيعين وعند الشعور بالإرهاق لا تترددي في طلب المساعدة.
- اجعلي وقتكِ مع طفلكِ ذو جودة عالية: حتى لو كنتِ مشغولة، احرصي على قضاء وقت خاص مع طفلكِ دون مشتتات، مثل اللعب معه أو قراءة قصة قبل النوم.
العودة إلى العمل بعد الإنجاب قد تكون مرهقة جسديًا ونفسيًا على المرأة العاملة، لذلك من المهم أن تخصصي وقت لنفسك للاسترخاء وممارسة الهوايات والأنشطة التي تستمتعين بها بين الحين والآخر، وتذكري دائمًا أنه بإمكان الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي عند الحاجة لذلك.
نصائح نفاس
عند الاستعداد للعودة للعمل بعد الولادة، ابدئي بالتخطيط المسبق لترتيبات رعاية الطفل. جربي الذهاب إلى العمل ليوم واحد في الأسبوع الأول لاختبار الأمور. خصصي مكاناً مريحاً لشفط الحليب في العمل، وتذكري أن الشعور بالذنب طبيعي في البداية وسيتلاشى مع الوقت. احرصي على التواصل مع مديركِ حول أي تعديلات مؤقتة قد تحتاجينها.
الأسئلة الشائعة
متى يمكنني العودة للعمل بعد الولادة؟
يختلف الوقت المناسب حسب الحالة الصحية للأم ونوع الولادة، لكن يُنصح عمومًا بأخذ 12 أسبوعًا على الأقل للتعافي. استشيري طبيبكِ لتحديد الوقت الأنسب لكِ.
كيف يمكنني تنظيم الرضاعة الطبيعية عند العودة للعمل؟
يمكنكِ شفط الحليب وتخزينه مسبقًا، والتنسيق مع مكان العمل لتخصيص فترات راحة للشفط. احرصي على تخزين الحليب في عبوات معقمة واستخدام حافظة تبريد لنقله.
هل يمكنني طلب دوام جزئي بعد الولادة؟
نعم، يمكنكِ مناقشة خيارات العمل المرن مع صاحب العمل مثل الدوام الجزئي أو العمل من المنزل لفترة مؤقتة كمرحلة انتقالية.
كيف أتغلب على الشعور بالذنب عند ترك طفلي؟
هذا الشعور طبيعي تمامًا. تذكري أنكِ تقومين بما هو أفضل لعائلتكِ، وأن طفلكِ سيكون بأيد أمينة. خصصي وقتًا ذا جودة مع طفلكِ عند عودتكِ للمنزل.
ما هي حقوقي القانونية كأم عاملة بعد الولادة؟
تختلف حسب الدولة، ولكن تشمل عادةً إجازة أمومة مدفوعة، فترات رضاعة، وحماية من الفصل التعسفي. تحققي من قوانين العمل في بلدكِ وشركتكِ.
كيف أختار حضانة مناسبة لطفلي؟
ابحثي عن حضانة مرخصة، ذات سمعة جيدة، مع نسبة مناسبة بين المربيات والأطفال. زوري المكان مسبقًا، وتأكدي من نظافته وسياساته، واسألي عن تجارب الآخرين.
كيف أتعامل مع الإرهاق عند الجمع بين العمل والأمومة؟
خصصي وقتًا للراحة، وزعي المهام المنزلية، ولا تترددي في طلب المساعدة من الشريك أو العائلة. تذكري أن الكمال غير مطلوب - ركزي على الأساسيات فقط في البداية.
متى يجب أن أستشير مختصًا نفسيًا بعد العودة للعمل؟
إذا استمرت مشاعر الحزن الشديد أو القلق لأكثر من أسبوعين، أو أثرت على قدرتكِ على العمل أو رعاية طفلكِ، فمن الأفضل استشارة مختص للدعم النفسي.