
اكتئاب الآباء بعد الولادة: الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج
اكتئاب الآباء بعد الولادة قد يؤثر على الصحة النفسية والعلاقات الأسرية. تعرّف على الأسباب، الأعراض، وأفضل طرق العلاج لضمان توازن نفسي لك ولعائلتك.
الصحة النفسية
نفاس
2/16/2025


تعتبر فترة ما بعد الولادة مرحلة تحول كبيرة في حياة الأبوين، حيث تتغير الأدوار والمسؤوليات بشكل جذري. وبينما يرتبط الحديث غالبًا باكتئاب ما بعد الولادة لدى الأمهات، إلا أن الآباء أيضًا يواجهون تحديات نفسية قد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب. هذه الحالة النفسية التي يمكن أن تصيب الآباء قد تؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم وعلاقاتهم الأسرية.
في هذا المقال، سيتم استعراض أسباب اكتئاب الآباء بعد الولادة والعوامل التي تسهم في ظهوره. بالإضافة إلى ذلك، سيتم مناقشة الأعراض المرتبطة بهذه الحالة وطرق العلاج المتاحة التي تساعد الآباء على تجاوز هذه الفترة الصعبة بنجاح.
اكتئاب الأب بعد الولادة: لماذا يحدث وما تأثيره؟
يمكن أن يعاني الآباء من الاكتئاب بعد ولادة طفلهم، وهو حالة نفسية شائعة تحدث خلال السنة الأولى من الأبوة. يعد اكتئاب الآباء بعد الولادة ظاهرة متزايدة، حيث يعاني العديد من الآباء الجدد من مشاعر الاكتئاب والقلق نتيجة التغيرات الكبيرة في حياتهم. على الرغم من أن الأم هي من تمر بتجربة الحمل والولادة وهي من يتم التركيز على التغيرات النفسية لديها بعد الولادة، إلا أن الأب يواجه أيضًا تحديات نفسية ناجمة عن مسؤوليات الأبوة الجديدة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الحياة الأسرية.
يجد العديد من الآباء الجدد أنفسهم في مواجهة مشاعر متضاربة تتراوح بين الفرح والمسؤولية، مما قد يؤدي إلى الشعور بالإرهاق العاطفي. تختلف هذه الحالة من شخص لآخر، ولكنها غالبًا ما تنشأ نتيجة لصعوبة التكيف مع الدور الجديد كأب، والضغوط المترتبة على ذلك، بما في ذلك المسؤوليات المادية والتغيرات التي تطرأ على نمط الحياة.
أسباب اكتئاب الأب الجديد بعد الولادة
تساهم مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية في زيادة احتمالية تعرض الآباء لاكتئاب ما بعد الولادة، ومن هذه الأسباب:
● التاريخ الشخصي والعائلي للاكتئاب: يزيد التاريخ الشخصي للاكتئاب من خطر تعرض الآباء لاكتئاب ما بعد الولادة. كما أن وجود تاريخ عائلي للاكتئاب يمكن أن يعزز من احتمالية الإصابة بهذه الحالة، حيث يكون الأفراد الذين لديهم أقارب يعانون من الاكتئاب أكثر عرضة للإصابة.
● التغيرات الهرمونية: يمر الآباء بتغيرات هرمونية بعد الولادة أيضًا، تشمل انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون (المعروف بهرمون الذكورة) وارتفاع مستويات هرمون الإستروجين. هذه التغيرات قد تؤثر على الحالة النفسية للأب وتزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب. كما يمكن أن ترتفع مستويات الكورتيزول أو ما يعرف بهرمون الإجهاد، مما يؤثر على الصحة النفسية بشكل عام.
● نقص النوم: يؤدي نقص النوم، وهو شائع بين الآباء الجدد بسبب الرعاية المستمرة للطفل، إلى تغييرات في كيمياء الدماغ يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب. ويؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم بشكل مباشر على القدرة على التحمل النفسي والجسدي.
● الشعور بالعزلة: يجد الآباء الجدد صعوبة في الحفاظ على الروابط الاجتماعية كما كانت قبل الولادة، مما يؤدي إلى شعورهم بالعزلة الاجتماعية. في كثير من الأحيان، يعتمد الآباء بشكل كبير على شركائهم للحصول على الدعم، ولكن عندما ينشغل الشريك بالعناية بالطفل، يمكن أن يشعر الأب بالإهمال والوحدة.
● الضغوط الحياتية: يمكن أن تزيد الضغوط الحياتية من خطر إصابة الآباء باكتئاب ما بعد الولادة : مثل فقدان الوظيفة، الفقر، النزاعات الزوجية، إنجاب طفل يعاني من مشاكل صحية أو الحمل غير المخطط له. هذه العوامل تساهم في زيادة التوتر والضغط النفسي، مما يجعل التعامل مع تحديات الأبوة الجديدة أكثر صعوبة.
أعراض اكتئاب الأب بعد الولادة التي لا يجب تجاهلها
تظهر أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لدى الآباء بطرق متعددة، ويمكن لهذه الأعراض أن تؤثر بشكل كبير على حياة الأب الجديدة وتحد من قدرته على التكيف مع دوره الجديد. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا لاكتئاب ما بعد الولادة لدى الآباء:
● تغيرات في الشهية: حيث قد يبدأ الآباء بتناول الطعام بشكل مفرط أو يفقدون شهيتهم تمامًا.
● صعوبات في النوم: بما في ذلك الأرق أو النوم المفرط، إلى جانب الشعور بالاضطراب والقلق أثناء الليل.
● الإحساس بالتعب وانخفاض الدافع: يشعر الآباء الذين يعانون من الاكتئاب بتعب مستمر وانعدام الرغبة في القيام بأنشطة كانوا يستمتعون بها سابقًا.
● الحزن المستمر: قد يشعرون بالحزن العميق دون سبب واضح، وقد يصاحب ذلك البكاء غير المبرر.
● مشاعر الذنب أو الخجل: يمكن أن يشعر الآباء الجدد المُصابين بهذا الاكتئاب بالذنب أو الخجل من صعوبة تحملهم لمسؤولياتهم كآباء، مما يزيد من تفاقم حالتهم النفسية.
● العزلة الاجتماعية: يميل الآباء إلى الابتعاد عن التجمعات الاجتماعية والعائلية، مما يعمق الشعور بالوحدة.
● تزايد العصبية والعدوانية: قد يصبح الآباء الذين يعانون من اكتئاب ما بعد الولادة أكثر عرضة للتوتر والغضب، مما يؤثر على علاقاتهم مع الآخرين.
● صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات: يتسبب الاكتئاب في تشويش الذهن، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرارات يومية.
تؤثر هذه الأعراض على الصحة النفسية للآباء. لذلك، من الضروري أن يتم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للآباء في هذه الفترة الحرجة للتخفيف من تأثير هذه الأعراض على حياتهم وحياة أسرهم.
كيف يتم تشخيص اكتئاب الأب بعد الولادة؟
على الرغم من عدم وجود طريقة موحدة عالميًا لتشخيص اكتئاب الآباء بعد الولادة، إلا أنه يتم غالبًا من خلال مقابلة مع الطبيب تعتمد على معايير طبية محددة. تكون أعراض الاكتئاب عند الآباء مشابهة لما تعانيه الأمهات، لكنها قد تشمل أيضًا صعوبة في اتخاذ القرارات، الشعور بالانفعال أو العصبية، وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر أو التفاعل العاطفي بشكل طبيعي، وقد تستمر هذه الأعراض لمدة تصل إلى سنة بعد الولادة.
لمساعدة الأطباء في التشخيص، يتم استخدام اختبارات تقييم خاصة، منها:
● مقياس إدنبرة لاكتئاب ما بعد الولادة (EPDS): هو اختبار يُستخدم للكشف عن أعراض الاكتئاب والقلق بعد الولادة. نظرًا لأن الرجال قد لا يعبرون عن مشاعرهم بشكل واضح، أو قد يقللون من وصف أعراضهم، يتم اعتماد معايير تقييم مختلفة لهم. ومع ذلك، قد لا يكون هذا المقياس دقيقًا تمامًا عند الرجال، لأن بعض الأسئلة قد تكون غير واضحة أو لا تعكس بشكل كافٍ طبيعة الأعراض التي يشعرون بها، مما قد يؤدي إلى صعوبة في تشخيص الاكتئاب والقلق لديهم بدقة.
● استبيان الصحة العامة (PHQ-9): يُستخدم كبديل إضافي، حيث أظهر فعالية في الكشف عن اكتئاب الآباء بعد الولادة.
● تقييم من الشريك (EPDS-P): إذا لم يكن الأب قادرًا على إجراء التقييم بنفسه، يمكن لشريكته تقديم ملاحظات حول حالته النفسية.
كما قد يلجأ الطبيب إلى الاستفسار من العائلة أو الأصدقاء عن أي تغيّرات في سلوك الأب، مثل الانفعال الزائد، الشكاوى الجسدية غير المبررة، أو وجود نوبات اكتئاب سابقة، مما يساعد في التشخيص بدقة. بالإضافة إلى ذلك، قد يقارن الطبيب حالة الأب النفسية قبل الحمل وأثناءه وبعده لتحديد أي تغيّرات واضحة.
أفضل طرق علاج اكتئاب الأب بعد الولادة
يمكن أن تشمل أساليب العلاج مجموعة من الخيارات التي تعمل بشكل فردي أو متكامل لتحقيق أفضل النتائج. يبدأ العلاج من خلال الحفاظ على نمط حياة صحي. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الدعم الاجتماعي والعلاج النفسي دورًا مهمًا في تحسين الحالة النفسية. في بعض الحالات، قد يكون العلاج الدوائي ضروريًا. وتشمل طرق علاج اكتئاب الآباء بعد الولادة:
● الحفاظ على نمط حياة صحي: يساهم النوم الكافي، التمارين الرياضية المنتظمة، واتباع نظام غذائي متوازن في تحسين الحالة النفسية والتقليل من أعراض الاكتئاب.
● الدعم الاجتماعي: يساعد بناء شبكة دعم قوية من الأصدقاء والعائلة في تقليل مشاعر العزلة ويعزز من قدرة الأب على مواجهة التحديات النفسية.
● العلاج النفسي: يُعد التحدث مع معالج نفسي أو اختصاصي اجتماعي وسيلة فعالة للتعامل مع الأفكار والمشاعر السلبية، حيث يمكن تعلم استراتيجيات فعّالة للتغلب على الاكتئاب وتحسين الحالة النفسية.
● العلاج الدوائي: يكون العلاج الدوائي ضروريًا في بعض الحالات لتحسين الأعراض، ويُفضل غالبًا دمجه مع حلول غير دوائية مثل العلاج النفسي أو تعديل نمط الحياة، لتحقيق توازن أفضل في العلاج.
نصيحة نِفاس
إذا كنت أبًا جديدًا وتشعر بالإرهاق النفسي بعد الولادة، فتذكر أن الاعتناء بنفسك لا يقل أهمية عن الاعتناء بطفلك. احرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم، تحدث مع شريك حياتك عن مشاعرك، ولا تتردد في طلب الدعم من العائلة أو الأصدقاء. إذا استمرت المشاعر السلبية، فاستشارة مختص نفسي قد تكون خطوة ضرورية لتحسين صحتك النفسية وضمان بيئة أسرية مستقرة وسعيدة.
الأسئلة الشائعة
إتصل بنا


شارع التحلية، عمارة عبد اللطيف، مقابل مطعم كرم بيروت، الدور الأول، مكتب 101 الرياض، المملكة العربية السعودية
info@nifas.net
عنواننا
تابعنا